الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة القلم الحر: الحرية في الفن المسرحي يبيحها الدستور وﻻ تتقيد بالرؤى الدينية

نشر في  01 مارس 2017  (11:00)

بقلم الاستاذ: عفيف البوني

حشر بعض الناشطين في التحريض السياسي باسم الدين أنفسهم في ما ﻻ علم لهم به وﻻ ذوق  حيث تعالى صراخهم منددين بمسرحية (ألهاكم التكاثر) زاعمين تعارض اقتباس جملة وردت في القرآن مع تضمينها في نص مسرحي.

والمكفرون القدامى لفن المسرح، حرموا العرب والمسلمين طوال التاريخ من أعظم الفنون حتى القرن العشرين، والمكفرون الجدد، ﻻيمنعون المسرح ولكنهم يمنعون اﻻبداع في تأليف المسرحيات وفي آشكال إخراجها، كما حصل مع المسرحية المذكورة.هؤﻻء الذين يفتقرون للعلم باﻻسلام والعلم بعظمة فن المسرح وعظمة معنى الحرية، ﻻ يخدمون اﻻسلام ويغالطون المسلمين البسطاء.
المسرح حر أو ﻻ يكون، نجابهه بالنقد، والنقاد المختصون في المقدمة ثم الجمهور بعد ذلك له أن يتفرج أو ﻻ يتفرج، وليس للدولة وﻻ للأحزاب والجمعيات وﻻ لوزارة الثقافة وﻻ وزارة الشؤون الدينية وﻻ للمجلس اﻻسلامي اﻷعلى وﻻ لسماحة المفتي.. أن يتدخلوا في الحكم سلبا او إيجابا على المسرح وعلى اﻻبداع  في الثقافة اﻻ في حالة الدعم متى جاء من المعنيين به.

باسم الدفاع عن القرآن كلام الله، أصدر الفقهاء فتاوى خاطئة بل ضارة باﻻسلام من نوع تحريم ترجمة القرآن الى  اللغات اﻻخرى لمدة دامت أكثر من ألف و ثلاثمائة سنة وهم من أفتى بتحريم المطبعة ثم تحريم طبع القرآن وتحريم ترجمة وتدريس المعارف العلمية التي صنفوها ضد الدين مثلما حرموا كل الفنون: المسرح والنحت والموسيقى والغناء والتصوير الخ.

ﻻ يفقه أعداء الحرية باسم الدين أن الحق في اﻻبداع الحر في كل الفنون والعلوم هو حرية مقدسة ومكفولة في  الدستور وهم مع توظيفهم المغشوش للإسلام ضد الفن أي ضد الحرية وضد منطق الحياة، يجهلون، أن ما ورد بالدستور، حول المقدسات بشكل غامض أو مدسوس، ﻻ يحول أبدا ضد مبدإ عظيم في القانون الدولي اﻻنساني وفي الديمقراطيات، وهو أن العقائد الدينية مهما كانت قداستها، غير محمية من النقد، وغير معنية بالحماية القانونية، ﻷن القانون يحمي الحق لكل فرد في التدين وفي عدم التدين وﻻ يحمي عقيدته من النقد، الحماية تكون للمتدين وليس لعقيدته، والدولة غير مؤهلة للحكم على ضمائرالناس أو المسرحيين ومسرحياتهم.

ولذلك أتمنى أﻻ يحشر جناب المفتي نفسه باسم اﻻسلام في خندق أعداء الفنون من المحرضين السياسيين باسم الدين، خصوصا أن جناب الشيخ عثمان بطيخ رجل متفتح ومتسامح وغير متعصب وللعلم، منصب المفتي استحدثه الحكام لمن يوظفونه عندهم في الدولة غير المدنية، وسيكون اﻻسلام  ومدنية الدولة في خطر متى وقع منع الحرية إن حاول البعض فرض الرقابة على هذا الفن باسم الدين، وهو ما ﻻيسمح به الدستور وﻻ منطق الفن والحرية.

منصب المفتي ﻻ يوجد في الدولة المدنية اﻻ في تونس ومهنتك استشارية وعليك حماية اسلام المسلمين من الدس عليه عبر إسلام القرضاوي والخميني، واحذر من تكفير العلم والفن، فذلك كفر بالحياة، وتحية الى الشيخ عبد الفتاح مورو الذي وقف مع حق يوسف الصديق في وضعه الرسوم الشارحة مع سور القرآن،حين شنع به وحرم عليه ذلك أعضاء المجلس اﻻسلامي اﻷعلى، وانفرد ذلك الشيخ بالصواب والتقدمية وانتصر للإسلام والحرية حينها، في زمن بن علي، ولقد استفزني مخرج تلك المسرحية الخالية من اﻻستفزاز، حين اعتذر ﻷعداء المسرح عن تهمة  اﻻساءة للدين وهو بريء منها.